إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

25 ديسمبر 2015

الفرض التّأليفيّ 2: (دراسة النّصّ)، محور: (مشاغل المرأة)، نصّ: (غادة السّمّان)، الإصلاح، 2014-2015







 أســــتاذة العربـيّة  فوزيّة الشّـــطّي   الفرض التّأليفيّ 2  دراسة النّصّ 

 3 اقتصاد 1  معهد قرطاج حنّبعل   2015.5.25 

إِنَّهُ رَمَضَانُ، وَأَنَا أَتَسَكَّعُ فِي شَوَارِعِ نيُويُورك* اللاَّمُبَالِيَةِ... تَطْلَعُ دِمَشْقُ زَمَنِ الطُّفُولَةِ مِنْ مُـحِيطَاتِ القَلْبِ مِثْلَ غَوَّاصَةٍ طَفَتْ فَـجْأةً، شَاسِعَةً كَقَارَّةٍ.

أَرَاهَا بِوُضُوحٍ تِلْكَ الطِّفْلَةَ. كَمْ هِيَ نَـحِيلَةٌ وَهَشَّةٌ كَعُودِ الثِّقَابِ. (1) لَكِنَّـــهَا تَسَتَيْقِظُ عَلَى صَوْتِ طَبْلَةِ الـمُسَحِّرِ* يُرَدِّدُ: «يَا نَايمْ وَحِّدِ الله.. يا نَايمْ اُذْكُر الله.. قُومُوا عَلَى سُحُوركُمْ.. جَاءَ النَّبِـيّ يَزُوركُمْ..».

أَسْـمَعُ ذَلِكَ الصَّوْتَ العَتِيقَ الآنَ وَهْوَ يَثْقُبُ قَلْبِـي بِطَعْمِ الـحَنِينِ. (2) ثُـمَّ أَرَى تِلْكَ الطِّفْلَةَ رَاكِضَةً كَالعِفْرِيتَةِ لِتَلْحَقَ بِالـمُسَحِّرِ إِلَى الشَّارِعِ كَبَقِيَّةِ الأَوْلاَدِ. بَيْدَ أَنَّـهَا تَتَلَقَّى ضَرْبَةً مِنْ خَيْزُرَانَةِ الجَارِ الّذِي ادَّعَى أنَّهُ ظَنَّهَا تَـمْشِي فِي نَوْمِهَا (البَنَاتُ لاَ يَرْكُضْنَ فِي اللَّيْلِ خَلْفَ الـمُسَحِّرِ. لِلصِّبْيَانِ وَحْدَهُمْ هَذَا الـحَقُّ. وَهْيَ لاَ تَفْهَمُ لِـمَاذَا تَدُورُ الأَشْيَاءُ عَلَى هَذَا النَّحْوِ).

أَرَاهَا وَقَدْ تَصَادَفَ سُقُوطُ سِنِّهَا اللَّبَنِيَّةِ الأُولَى فِي شَهْرِ رَمَضَانَ. وَصَارَتْ تَبْكِي لِأَنَّـهَا «أَفْطَرَتْ». دَفَنَتِ السِّنَّ فِي التُّرَابِ قُرْبَ اليَاسَـمِينَةِ وَهْيَ تُرَدِّدُ كَمَا تَقْضِي التَّقَالِيدُ: «خُذُوا سِنَّ الحِمَارِ، وَأَعْطُونِـي سِنَّ الغَزَالِ». وَلَكِنَّ الزَّمَنَ أَعْطَاهَا نَابًا سَتَكُونُ بِأَمَسِّ الحَاجَةِ إِلَيْهِ حِينَ تَتَشَرَّدُ فِي العَالَـمِ الوَاسِعِ ذَاتَ رَمَضَانَ.

مَا زِلْتُ أَتَسَكَّعُ فِي الشَّوَارِعِ النُّيُويُوركِيَّةِ الـمُتَوَحِّشَةِ الزُّحَامِ. وَأَرَاهَا، تِلْكَ الطِّفْلَةَ، تَتَسَلَّلُ بَعْدَ الإِفْطَارِ هَارِبَةً مِنَ البَيْتِ لِتَرْكُضَ خَلْفَ «أَبُو طَبْلَة»، وَتُغَنِّـي مَعَ الصِّبْيَانِ، وَتَضْحَكُ مَعَ بَقِيَّةِ «أَوْبَاشِ» الـحَيِّ حَتَّى تَـجُرَّهَا الجَارَةُ لِتُعِيدَهَا إِلَى البَيْتِ وَتُفْهِمَهَا أَنَّهُ «عَيْبٌ» عَلَى البِنْتِ أَنْ تَقْتَرِفَ طُقُوسَ رَمَضَانَ الـخَاصَّةَ بِالصِّبْيَانِ. وَهْيَ لاَ تَفْهَمُ. وَ(3) إِذَنْ تُرِيدُ حَقَّهَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ.

[هَلْ هَذِهِ الطِّفْلَةُ هِيَ حَقًّا الـمَرْأَةُ الَّتِي نَـخَرَ صَدْرَهَا الـحُزْنُ وَالدُّخَانُ وَصَدَأُ الـمَوَانِئِ وَعَفَنُ مُدِنٍ بِلاَ شَـمْسٍ؟!].

 غادة السّمّان، القلبُ نورسٌ وحيدٌ، ط1، منشورات غادة السّمّان، 1998 

 صص: 145-147، بتصرّف 

- نيويورك: مدينةٌ أمريكيّة ضخمةُ المساحةِ عاليةُ الكثافةِ السّكّانيّة. وهي مِن أهمِّ مراكز التّجارة والمال في العالم.

- الـمُسَحِّرُالشّخصُ الّذي يُوقظ النّائمينَ في ليالِي رمضانَ لتناولِ وجبة السَّحُور في الدُّولِ العربيّة الإسلاميّة. وعادةً ما كان يَضْرِبُ الطّبلَ وهو يُنادِي النّائِمين. وغالبًا ما يَكون النِّداءُ مَصْحوبًا ببعْضِ التَّهْلِيلاتِ والأذْكارِ والأناشيدِ الدّينيّة.

- غادة أحمد السّمّان: أديبةٌ سوريّة، وُلدتْ في دمشقَ سنةَ 1942. تنتمي إلى أسرةٍ شاميّة بورجوازيّة محافظة. كتبتِ الشّعرَ والقصّةَ والرّوايةَ والمقالَ الصّحفيّ وأدبَ الرّحلة. فقدتْ والدتَها وهي طفلةٌ. فتعلّقتْ كثيرا بوالدِها الّذي كان مُحبّا للعلمِ والأدب. اُعتُبِرتْ "كاتبةً نِسْويّة". لكنّها لم تَسجنْ قَلمَها في هذا الـمجال الضّيّقِ. إنّما التزمتْ بالأبعادِ الإنسانيّة الرّحبة.

 أســــتاذة العربـيّة  فوزيّة الشّـــطّي   الفرض التّأليفيّ 2  دراسة النّصّ 

 3 اقتصاد 1  معهد قرطاج حنّبعل   2015.5.25 

1-   النّصُّ استرجاعٌ حزينٌ لطفولةِ الكاتبة الّتي قَضّتْها في زمانٍ ومكانٍ آخريْن. بَيِّنْ ذلك: (1،5ن)

....................................................................................................

....................................................................................................

....................................................................................................

....................................................................................................

2-   حدّدْ طرائقَ الرّبطِ في العناصرِ الـمُسطَّرة منَ النّصّ: (1،5ن)

(1) لَكِنَّ...............................  

(2) ثُـمَّ................................

(3) إذَنْ...............................

3-   حَلِّلْ الإحالةَ اللّغويّةَ في الأمثلةِ التّالية: (3،5ن)

-       كَمْ هِيَ نَـحِيلَةٌ وَهَشَّةٌ كَعُودِ الثِّقَابِ:

 ............................................................................................

....................................................................................................

-       أَسْـمَعُ ذَلِكَ الصَّوْتَ العَتِيقَ الآنَ وَهْوَ يَثْقبُ قَلْبِـي بِطَعْمِ الحَنِينِ:

 ............................................................................................

....................................................................................................

-       تَلَقَّتْ الطِّفْلَةُ ضَرْبَةً مِنْ خَيْزُرَانَةِ الجَارِ الَّذِي ادَّعَى ظَنًّا كَاذِبًا:

 ............................................................................................

....................................................................................................

4-   مَا مظاهرُ احْتِجاجِ الكاتِبةِ، طِفْلةً وكهْلَةً، على التّمييزِ الاجتماعيِّ بينَ البناتِ والأوْلادِ؟ (2ن)

....................................................................................................

....................................................................................................

....................................................................................................

5-   تَفْضيلُ الذّكورِ على الإنَاثِ داخِلَ الأسرةِ يُسبِّبُ آثارا نَفْسيّةً لا تُـمْحَى. ما رأيُك؟ (2ن)

....................................................................................................

....................................................................................................

....................................................................................................

....................................................................................................

6-   اِشْرحِ الجملةَ الأخيرةَ الموضوعةَ بين مُعقّفيْن مِنَ النّصّ شرحا لغويّا وأدبيّا:  (1،5ن)

....................................................................................................

....................................................................................................

....................................................................................................

7-  اِخْترْ أحدَ هذيْن الموضوعيْن لإنتاجِ فقرةٍ مِن خمسةَ عشرَ [15] سطرا تُعبّر فيهَا عنْ موقفِك الخاصِّ مُعلِّلا إيّاهُ بحُججٍ متماسِكة: (7ن)

 «يَعتَقِدُ البَعْضُ أنَّهُ يَـجِبُ أنْ نُـحَقِّقَ العَدْلَ بَيْنَ الدُّوَلِ الغَنِيَّةِ الـمُهَيْمِنَةِ والدُّوَلِ الفَقِيرَةِ الـمُضْطَهَدَةِ قَبْلَ أَنْ نَسْتَطِيعَ تَـحْقِيقَ العَدْلِ دَاخِلَ الـمُجْتَمَعِ الوَاحِدِ. مَا رَأْيُكَ؟».

 «يَعتَقِدُ البَعْضُ أَنَّ الـمَرْأَةَ أَعْلَمُ بِـمَشَاغِلِ بَنَاتِ جِنْسِهَا وَبِقَضَايَاهُنَّ وَبِالعَوَائِقِ الَّتِي تَعْتَرِضُهُنَّ مِنْ جَـمِيعِ الرِّجَالِ الـمُتَضَامِنِينَ مَعَ النِّسَاءِ. مَا رَأْيُكَ؟».

....................................................................................................

....................................................................................................

....................................................................................................

....................................................................................................

....................................................................................................

....................................................................................................

....................................................................................................

....................................................................................................

....................................................................................................

....................................................................................................

....................................................................................................

....................................................................................................

....................................................................................................

....................................................................................................

....................................................................................................

 نقطةٌ [1] على وُضوحِ الخـــطّ ونظافةِ الورقــــةِ    عَـــمــلاً مُـوفّــــــقًا 

  الإصْـــــــــــــــــــــــلاح  

1-   النّصُّ استرجاعٌ حزينٌ لطفولةِ الكاتبة الّتي قَضّتْها في زمانٍ ومكانٍ آخريْن. بَيِّنْ ذلك: (1،5ن)

تسترجعُ الكاتبةُ طفولتَها الّتي قضّتْها في دمشق منذُ سنواتٍ عدّة. لقدْ ذكّرَها رمضانُ "النّيويوركيّ" الباردُ الصّامتُ بأجواءِ رمضان الدّمشقيّ الحافلةِ. وبدَا استحضارُ مدينةِ الطّفولة البعيدة فِعلا دِفاعيّا تحاول به الرّاويةُ أنْ تملأَ الفراغَ النّفسيَّ وتسُدَّ به العزلةَ الاجتماعيّةَ. ولأنَّ طفولتَها الدّمشقيّةُ أحلى مِن كُهولتِها النّيويوركيّة، فقدْ كان الاسترجاعُ حزينا طغَى عليه الحنينُ اليائسُ.

2-   حدّدْ طرائقَ الرّبطِ في العناصرِ الـمُسطَّرة منَ النّصّ: (1،5ن)

(1) لَكِنَّربطُ الاستدراكِ.  (2) ثُـمَّربطُ التّرتيبِ.  (3) إِذَنْربطُ الاستنتاجِ.

3-   حَلِّلْ الإحالةَ اللّغويّةَ في الأمثلةِ التّالية: (3،5ن)

-      كَمْ هِيَ نَـحِيلَةٌ وَهَشَّةٌ كَعُودِ الثِّقَابِ:

← أحالَ ضميرُ الغيْبة (هِيَ) على عنصرِ المفعولِ به (تِلْكَ الطِّفْلَةَ) مِن الجملة السّابقة.

-      أسْـمَعُ ذَلِكَ الصَّوْتَ العَتِيقَ الآنَ وَهْوَ يَثْقبُ قَلْبِـي بِطَعْمِ الـحَنِينِ:

← أحالَ اسمُ الإشارة (ذَلِكَ) على عنصرِ المجرورِ (صَوْتِ طَبْلَةِ الـمُسَحِّرِ) من الجملة السّابقة + أحالَ ضميرُ الغيْبةِ (هُوَ) على عنصرِ المفعول به (ذَلِكَ الصَّوْتَ العَتِيقَ) مِن الجملة نفسِها.

-      تَلَقَّتْ الطِّفْلَةُ ضَرْبَةً مِنْ خَيْزُرَانَةِ الجَارِ الَّذِي ادَّعَى ظَنًّا كَاذِبًا:

← أحالَ الاسمُ الموصولُ (الَّذِي) على عنصرِ المضافِ إليه (الـجَارِ) مِن الجملةِ نفسِها.

4-   مَا مظاهرُ احْتِجاجِ الكاتِبةِ، طِفْلةً وكهْلَةً، على التّمييزِ الاجتماعيِّ بينَ البناتِ والأوْلادِ؟ (2ن)

لـمّا كانت الكاتبةُ طفلةً احتجّتْ على التّمييزِ بين البنات والأولاد بأنْ لعبتْ مع الأطفالِ الذّكورِ تَـحدِّيا لـمُجتمعها. وتحمّلتِ العقوبات النّفسيّةَ واللّفظيّة والبدنيّةَ دونَ أن تخافَ أو ترتدَّ. أمّا وهي كهلةٌ فقدْ كَتبتْ تُديِنُ ذلك الاعتداءَ على نفسيّةِ الأطفال وعلى حقّهم في اللّعبِ وفي العيشِ المشترك. لقدْ تـمرّدتْ "غادة السّمّان" على التّمييزِ الاجتماعيّ غيرِ الإنسانيّ عمليّا ثمّ إبداعيّا. 

5-   تَفْضيلُ الذّكورِ على الإنَاثِ داخِلَ الأسرةِ يُسبِّبُ آثارا نَفْسيّةً لا تُـمْحَى. ما رأيُك؟ (2ن)

[ملاحظة: يَـحقّ للتّلميذِ الرّفضُ شرطَ أن يُحسنَ التّعليلَ].

إنّ تفضيلَ الذّكورِ على الإناث داخل الأسرة يُسبّبُ آثارا نفسيّة لا تُمحَى. فالأنثى الّتي يُفضَّل عليها الأخُ الذّكرُ، لمجرّد جنسِه، ستستبْطنَ حقدا عليه أو إحساسا بالضّيمِ أو شعُورا قاسيا بالنّقصِ الذّاتيّ. أمّا الذّكرُ المفضَّل على الأنثى دون وجهِ حقٍّ فسينشأُ متعالِيا متسلِّطا مُتواكِلا. وكلاهُما سيُعاني مِن آثار هذا التّمييز الظّالمِ في علاقتهما بالجنسِ الآخر صديقا أو قرينا أو زميلا. ثمّ إنّ هذا التّفضيلَ يُضعِفُ الإيمانَ بالكفاءة والاجتهاد لِكونِه يُحاسبُ الإنسانَ منذ طفولتِه على أساسِ الانتماءِ الجنسيّ الّذي لا مسؤوليّةَ له عليه.

6-   اِشْرحِ الجملةَ الأخيرةَ الموضوعةَ بين مُعقّفيْن منَ النّصّ شرحا لغويّا وأدبيّا: (1،5ن)

عبّرتْ هذه الجملةُ الاستفهاميّة عن إنكارِ الكاتبة للتّحوّلات الّتي طرأتْ عليها مِن الطّفولة إلى الكهولة. إنّها تستغربُ تأثيرَ السّنّ فيها. فهي لا تكادُ تعرفُ نفسَها مِن قسوةِ الانكسار العاطفيّ والوهنِ البدنيّ الّذي صارتْ تعانيه زمنَ الكتابة. لم تَعُدْ، كما كانتْ، مقبلةً على الحياة عظيمةَ النّشاطِ مسكونةً بالأملِ والتّحدّي.

7-   اِخْترْ أحدَ هذيْن الموضوعيْن لإنتاجِ فقرةٍ من خمسةَ عشرَ [15] سطرا تُعبّر فيهَا عنْ موقفِك الخاصِّ مُعلِّلا إيّاهُ بحُججٍ متماسِكة: (7ن)

 «يَعتَقِدُ البَعْضُ أنَّهُ يَـجِبُ أنْ نُـحَقِّقَ العَدْلَ بَيْنَ الدُّوَلِ الغَنِيَّةِ الـمُهَيْمِنَةِ والدُّوَلِ الفَقِيرَةِ الـمُضْطَهَدَةِ قَبْلَ أَنْ نَسْتَطِيعَ تَـحْقِيقَ العَدْلِ دَاخِلَ الـمُجْتَمَعِ الوَاحِدِ. مَا رَأْيُكَ؟». أو:  «يَعتَقِدُ البَعْضُ أنَّ الـمَرْأَةَ أَعْلَمُ بِـمَشَاغِلِ بَنَاتِ جِنْسِهَا وَبِقَضَايَاهُنَّ وَبِالعَوَائِقِ الَّتِي تَعْتَرِضُهُنَّ مِنْ جَـمِيعِ الرِّجَالِ الـمُتَضَامِنِينَ مَعَ النِّسَاءِ. مَا رَأْيُكَ؟».

 أرى أنّ العدلَ يجب أنْ يبدأ أوّلا داخلَ المجتمعِ الواحدِ بل داخل الأسرة الواحدة. فلِتحقيق الإصلاحِ الأكبر علينَا الشّروعُ في الإصلاحِ الأصغر. لذا أجزِمُ أنّ الدّولَ الفقيرةَ المضطهَدة لنْ تستطيعَ أَخْذَ حقِّها مِن البلدانِ الغنيّة المهيمِنة إذا لم تكنْ قد رسّختْ على أرضِها مجتمعا متماسِكا يسوسُه القانونُ الصّارمُ لكن العادلُ. إذْ كيفَ تشرعُ في مصارعة طُغاةِ الاستعمار والهيمنة وهي تعاني التّفكُّكَ والـخَورَ الدّاخليّيْن؟! إنّ العدلَ بين المواطنين يظلُّ أساسَ العمران لأنّه يَهَبُ النّاسَ إحساسا بالأمانِ والثّقةِ. فيعملون بجدٍّ مِن أجلِ الصّالح العامّ، وتَقْوَى عندهم رُوحُ المواطَنةِ والنّزعةُ الوطنيّةُ. هكذا يمكنُ أن يُؤلِّفُوا قوّةً صلبةً ضدّ الهيمنةِ الخارجيّة الّتي تلتهمُ الأخضرَ واليابسَ. أمّا انتظارُ تحقُّقِ العدل الخارجيّ دونَ تصحيحِ الجبهة الدّاخليّة، فهو مضيعةٌ للوقتِ وإهدارٌ للطّاقة.    

 يصعبُ الجزمُ بأنّ المرأةَ هي الأعلمُ بمشاغل بنات جنسها وبقضاياهنّ وبالعوائق الّتي تعترضهنّ من جميع الرّجال المتضامنين مع النّساء. لكنّ المؤكَّدَ أن المرأةَ النِّسويّةَ (المناضلة من أجل حقوق النّساء) تكون عادةً قريبة من النّساء، لا تفصلها عنهنّ الحواجزُ النّفسيّة أو الاجتماعيّة. وهي مثلهنّ تكابدُ نفسَ التّمييز وتكبِّلُها العوائقُ نفسُها. على هذا الأساس نجد المرأةَ أعمقَ معرفةً بالجوانب الخفيّة لمعاناة بنات جنسها وأصدقَ معايشةً لكفاحهنّ اليوميّ مِن الرّجالِ المتضامنين تضامنا مبدئيّا صادِقا مع النّساء. لكنْ ما يميّز هؤلاء الرّجالَ أنّهم ينظرونَ إلى المسألةِ النّسويّة مِن زوايا أخرى قد لا تنتبه إليها المرأةُ أو لا تُعطيها حقَّ قدرها. فيكون اهتمامُ الرّجال بمشاغل النّساء إغناءً متميِّزا لهنّ في صراعهنّ مِن أجلِ العدل والمساواة والمواطَنة الكاملة. وغالبا ما يُدرِجُ الرّجالُ قضايا النّساء ضمنَ قضيّةٍ أكبرَ، هي قضيّةُ الحقوق الإنسانيّة الشّاملة الّتي لا تُصنِّفُ البشرَ حسَبَ الدّينِ أو اللّغة أو العِرق أو الجنس. فإذا اعتبرْنا المناضلةَ النّسويّةَ أعلمَ بمشاغلِ النّساءِ، جازَ لنا أن نعتبرَ الرّجلَ المتضامنَ حليفًا لا يُستغنَى عنه يُؤنسِنُ الصّراعَ الحقوقيّ ويُثبتُ أنّ الأنوثةَ أو الذّكورةَ ليستا مقياسًا لإنسانيّةِ الفردِ.                       

 عَـــمــلاً مُـوفّـــــــــقًا